في أفق تنفيذه وقفة احتجاجية يومه السبت، وعلى إثر الاجتماع الذي نظمته وزارة العدل و الحريات مع المسؤولين القضائيين و الصحافيين بواسطة تقنية الاتصال عن بعد، لمناقشة الوقفة الوطنية المقررة من طرف نادي قضاة المغرب، اعتبر نادي القضاة في “بيان مستعجل” أصدره مساء الأربعاء “محاولة” وزير العدل و الحريات استعمال الإدارة القضائية ك”أداة” للتضييق على الحريات الأساسية للقضاة، “انتكاسة دستورية جديدة تنضاف إلى مسلسل الانتكاسات التي تم تسجيلها بدءا من المنع غير الدستوري للجمع العام التأسيسي يوم 20 غشت 2011، و هو من جهة أخرى يترجم رغبة السلطة التنفيذية في إبقاء آليات التحكم و التدخل في استقلال القضاة”.
وجدد نادي القضاة تشبثه ب”الضمانة الملكية السامية لاستقلال السلطة القضائية كما حددها الفصل 107 من الدستور”، محملين الحكومة المكلفة بإعداد مشروعي القانونين التنظيمين “المسؤولية الكاملة في عدم اعتماد المقاربة التشاركية الحقيقية و هو ما يعد خرقا للإرادة الملكية السامية المعبر عنها في خطاب جلالة الملك بتاريخ 30 يوليوز 2011”. وطالب نادي القضاة الوزير ب
“اتخاذ الإجراءات المستعجلة وذلك بتوفير الوسائل اللازمة للسلطة القضائية و أعضائها بما يضمن كرامتهم و هيبة المنصب القضائي انسجاما مع المواثيق و الإعلانات الدولية ذات الصلة باستقلال السلطة القضائية ، بدل اعتماد خطاب أصبح متجاوزا بمقتضى دستور 2011”. وأكد القضاة أن وقفتهم المقررة صباح يوم السبت المقبل أمام مقر وزارة العدل و الحريات “تهدف إلى المطالبة بإقرار نصوص تنظيمية ضامنة لاستقلال السلطة القضائية، خصوصا أمام التراجعات التي تم تسجيلها على مستوى مسودتي مشاريع النصوص التنظيمية ، كما سبق للمكتب التنفيذي أن أعلنه من خلال الورقة التأطيرية التي تم نشرها في الموقع الرسمي”.
وكان وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، أكد يوم الأربعاء بالرباط، إن تظاهر القضاة بالبذل يعد “خرقا سافرا للقانون ومسا بالوقار والكرامة التي تتطلبها المهنة القضائية السامية”.
وأبرز الرميد “، أن التظاهر بالبذلات التي يرتديها القضاة خلال الجلسات، “مرفوض مطلقا”، مشيرا إلى أن حرية التظاهر بالنسبة للقضاة تبقى مقيدة بواجب التحفظ والأخلاقيات لكون “القاضي ليس إنسانا عاديا”.
واتهم الرميد، “نادي قضاة المغرب”، ب”التصعيد” الذي اعتبر أنه بمثابة “تسخينات وتحضيرات للانتخابات المهنية التي ستجري بمناسبة إنشاء السلطة القضائية”، وأنه “يسعى لتحقيق أهداف انتخابية محضة لا علاقة لها بما هو معلن، والظهور بمظهر المدافع القوي عن القضاء”.
وأكد أن مسودتي مشروعي القانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة، رفعتا إلى القطاعات المعنية، ولم يحسم بشأنهما نهائيا، لأنهما لم يمرا بعد من المجلس الحكومي ثم المجلس الوزاري والبرلمان بغرفتيه، و”لا زلنا لحد الآن في طور الإعداد للمشروعين”.
وأبرز الرميد أن الوزارة لم تكتف في الاشتغال على المسودتين بتشكيل لجنة تتكون من ثمانية قضاة ومشاركة الإدارة المركزية (كلها قضاة) وكبار الموظفين والوزير، بل عرضتهما على المجلس الأعلى للقضاء الذي صادق على النسختين الأولى والثانية.
وأكد أن الوزارة أجرت مشاورات مع القضاة عبر مختلف الجهات ونظمت سبع محطات لمناقشة المسودتين، همت 21 دائرة قضائية، ونظمت حوارا مباشرا مع الجمعيات التي يشكلها قضاة وكلهم تقدموا بمقترحات تعديلات، وتم قبول كل المقترحات المعقولة “لكن نادي قضاة المغرب اعتذر في آخر لحظة”، متسائلا “لماذا لم يقبل نادي القضاة دعوتنا للحوار مباشرة وتم الاكتفاء بإرسال الملاحظات”.
من جهته، أكد مدير الشؤون المدنية ابراهيم الايسر أن كل المسؤولين القضائيين بالمغرب أجمعوا على معارضة التظاهر بالبذل لأن ذلك يشكل إهانة للقضاء، ويعد تصرفا غير لائق، ويمس بهيبة القضاء ووقاره.
من جهته، تطرق مدير التشريع بوزارة العدل والحريات الحكيم بناني إلى ملاحظات الوزارة حول الورقة التأطيرية التي أعدتها جمعية “نادي قضاة المغرب” للوقفة الاحتجاجية، مشيرا على الخصوص إلى أن تحسين الوضعية المادية للقضاة خضع أخيرا لزيادات مهمة بالنسبة للدرجات الثالثة والثانية والأولى.
وأبرزت ملاحظات الوزارة على الخصوص أن هذه الزيادات بلغت نسبتها 54,55 بالمائة بالنسبة لقضاة الدرجة الثالثة، و31,32 بالمائة بالنسبة لقضاة الدرجة الثانية، و16,14 بالمائة بالنسبة لقضاة الدرجة الأولى.