كل واحد منا يتمنى دمقرطة بلده ويرجو تفتح إعلامها واستقامته ويسعد لسماع الكلمة الطيبة الهادفة كما يرتاح لجرة قلم نزيه تصب في مصلحته وفي خدمة المواطنين سواء في الداخل أو في الخارج، وهذا بالضبط ما سارت عليه السياسة الحكيمة للعاهل المغربي من أجل إفساح الطريق للحوار ولسياسة القرب التي تنهجها الحكومة المغربية للتعامل مع الجميع وفتح باب التعقيب والنقد واحترام وجهات النظر المختلفة في كل اجتماعاتها للتعرف على التجاوزات والحلول الناجعة والاقتراحات الضرورية لسير موكب النموّ والتغيير.
على النقيض من ذلك استغرب كل الغرابة واندهش كل الاندهاش لطريقة تعامل نفس الإعلام مع ملفات وقضايا مغاربة الخارج الذي يقتصر غالبا على نشر تصريحات المسؤولين فقط وتمنح كاميراته بالمقابل صورة تذكارية أو كلمة مختصرة لاهية لأحد المهاجرين لإعطاء الانطباع بأن الجالية تسلمت حقها من النزاهة والشفافية المزعومتين.
كما أنه ليس من باب العدل والإنصاف أن نخاطب أفراد جاليتنا برسائلنا المطولة التي صنعناها من ذرّ المصطلحات ونسجناها من حرير الخطابة الرنانة ووضعناها في قالب لغوي مستعصي على الفهم غير مبالين أن هذه الكفاءات درست وتخرجت بلغات بلدان المهجر ،كما أن غالبيتها تجهل اللغة العربية والفرنسية ولم يسبق لها أن درست هاتين اللغتين، فلماذا لا تخصص لهم سماعات الترجمة الفورية حتى تسهل عليهم عملية التواصل والتخاطب واجتياز الحواجز اللغوية؟ أملا في تفادي ما حدث قبل أيام خلال منتدى الملتقى الدولي الثاني لكفاءات مغاربة العالم الذي انعقد بالرباط يوم السبت 10 ماي 2014 في المجال القانوني تحت عنوان تنزيل مدونة الأسرة بالنسبة للمغاربة القاطنيــن بالخارج تحت عنوان: أي دور للكفاءات القانونية المغربية المقيمة بالمهجر؟ والذي تضايق فيه المحامون القادمون من أوروبا باستثناء محامية فرنسا بسبب الكلمات التي ألقيت باللغة العربية الفصحى وصعوبة إلقاء هؤلاء كلماتهم باللغة العربية أو الفرنسية كون الآخرين لا بفهمون غير هذه اللغتين وهذا مربط الفرس.
من غير المعقول أن يحدث شيء من هذا القبيل في لقاء هام كهذا والذي حضره عدد من الباحثين والأساتذة الجامعيين والقضاة من داخل المغرب و مجموعة من أنشط المحامين والمحاميات من وأوروبا وإفريقيا والخليج والمغرب وبحضور السيد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، والسيد أنيس بيرو، الوزير المكلف بمغاربة العالم وشؤون الهجرة، والكاتب العام لمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج .
فبالرغم من نجاح المنتدى واختتام الملتقى في جوّ مليء بالآمال والمتمنيات والمقترحات والتوصيات والتخطيطات للتعريف وتحسين تنزيل مقتضيات مدونة الأسرة المغربية بالخارج مع تجاوز كل الإكراهات والعراقيل .مما سيمهّد خلق شبكة من الكفاءات القانونية والحقوقية بدول المهجر للدفاع عن حقوق الأسرة المغربية بدول الاستقبال ، تبقى إشكالية الاختلاف اللغوي والسكوت الإعلامي هما سيدا هذا الموقف.
ختاما: تمر السنوات وتتوالى الحقب والجالية في انتظار الأوقات، كلما فرحت بتصريح طمسته تصريحات وتصريحات من هنا ومن هناك، يصعد أناس ويعوضهم أناس أما نحن نبقى ها هنا بين حفر الغربة وبأرض التربة أكباش فداء ،نسابق رياح الأمل من لقاء إلى لقاء، حتى صيّرتنا الأيادي بقرة حلوب تحلب في وقت الأزمات بدل الحليب دماء ،يكفينا في الغربة غرباء وفي بلد القرب غرباء وقدرنا أن نعيش بينهما غرباء.