بعد مرور أربع سنوات على اعتقال الشاب المغربي محمد فكري داخل باخرة كانت متجهة من إيطاليا نحو مدينة طنجة وإعطاء أوامر لربان السفينة من قبل السلطات المغربية بالعودة إلى ميناء إيطاليا لتسليمها المتهم، تم إطلاق سراحه بالبراءة من التهمة الموجهة إليه بخصوص قتل طفلة ايطالية تبلغ من العمر 13 سنة بعد اغتصابها.
وكانت السلطات الايطالية قد وجدت صعوبة في قضية مقتل الطفلة وإلقاء جثتها في أحد الوديان، حيث أكدت جريدة “إيكو دي بيرغامو” الايطالية، أنه تم التعرف على القاتل الحقيقي وهو إيطالي يعمل في مجال البناء، أقدم على اختطاف واغتصاب الطفلة التي كانت متوجهة لنادي رياضي من أجل ممارسة رياضتها، حيث قام بقتلها بعد تنفيذ جريمته وإلقاء جثتها في منطقة خالية بالقرب من أحد الوديان بمدينة “بيرغامو”، ليتم اعتقال محمد فكري الذي كان متوجها للمغرب لقضاء عطلته، بناء على شكوك فقط، دون أن تكون هناك أي أدلة إدانة في حقه.
وقد جاء اعتقال الجاني بعد قيام السلطات بإجراء فحص “|جي إن إي” واسع شمل 18000 إيطالي بمدينة بيرغامو ليتم التوصل إلى الجاني الحقيقي حيث تم اعتقاله وتقديمه للعدالة بالتهم المنسوبة إليه.أسقط قاضي التحقيق بمدينة بيرغامو الإيطالية، التهم الموجهة إلى المهاجر المغربي محمد فكري في قضية قتل الإيطالية (يارا غامبيرازيا)، وإن بقي اسمه في سجل المتحرى عنهم بتهمة المساعدة على القتل. وقالت ( روبيرتا بربييري) محامية محمد فكري، إن إسقاط تهمة القتل يعتبر انتصارا، أما تهمة المساعدة فسيتم إسقاطها لاحقا، لأنه لا يوجد قاتل حتى يتهم فكري بمساعدته.
كانت محكمة مدينة “بيرغامو”، شمال إيطاليا، أرجأت البت في حفظ القضية التي يتابع فيها المغربي بتهمة جريمة قتل بناء على ترجمة خاطئة لإحدى مكالماته الهاتفية، إلى نهاية شهر أبريل المقبل.
وبالرغم من أن حفظ القضية، التي يتابع فيها المهاجر المغربي “محمد فكري” البالغ 25 سنة، كان يبدو عشية اكتشاف الخطأ الذي وقع فيه المحققون نتيجة ترجمة خاطئة، أنه مجرد إجراءات قانونية، إلا أنه وبعد حوالي سنتين من الواقعة، وللمرة الثالثة على التوالي، تم البت في القضية بداعي أخذ مزيد من الوقت وتكليف ثلاثة مترجمين بإعادة ترجمة المكالمة الهاتفية موضوع المتابعة.
ويؤكد المترجمون، أن المكالمة الهاتفية التي يدعي المحققون أنها تورط المهاجر المغربي في جريمة اغتيال القاصرة الإيطالية التي عثر على جثتها بعد ثلاثة أشهر على اختفائها، تخلو من أي اعتراف أو حتى إشارة إلى موضوع الجريمة، حيث ادعى المحققون ضمن محاضرهم أن “فكري” يحتمل أن قال بالدارجة المغربي: “ياربي تسمح لي أنا لم أقتلها”، وهو الدعاء الذي “يشير إلى أن الأمر مجرد دعاء بسيط ، كرره أثناء اتصاله بأحد الأشخاص ليطالبه بدين له لديه”، حسب ما أكده المهاجر المغربي للقناة العمومية “راي 3”.
وأضاف المتهم المغربي لقناة الإيطالية ذاتها، أن دعاءه بالدارجة المغربية يعني: “ياربي تسهل علينا”، مستغربا كيف يمكن أن يتم تقويله ما لم يقله بهذه الطريقة، مادام أن التسجيلات واضحة.
وكان المحققون في قضية إحدى القاصرات بنواحي مدينة “بيرغامو” التي اختفت ليلة 26 نونبر 2010 قد وضعوا المهاجر المغربي “فكري” تحت المراقبة المستمرة لوجوده من أجل العمل بالقرب من المكان الذي يعتقد المحققون أن القاصرة اختفت فيه. وبتاريخ 4 دجنبر من السنة نفسها، تم إيقافه في عرض البحر في طريقه إلى المغرب بناء على مكالمة هاتفية له تم التنصت عليها، إذ ادعى المحققون أنها ستكون دليل إدانة ضده في جريمة قتل القاصرة الإيطالية، وأن سفره إلى المغرب قد يكون محاولة منه للفرار من يد العدالة.
غير أن فرضيات المحققين، تم نسفها من طرف النائب العام بعد ثلاثة أيام من اعتقال “فكري”، بعد أن تبين له أن المكالمة الهاتفية للمتهم قد تم ترجمتها بشكل خاطئ، وأن سفر المتهم إلى المغرب كان مرتبا له سلفا منذ مدة بشهادة مشغله الإيطالي الذي كان برفقته ليلة اختفاء القاصرة التي قتلت.
و إثر هذه المعطيات، تم إطلاق سراح المهاجر المغربي وسط انتقاد وسائل الإعلام للمحققين على خطئهم الجسيم الذي كان ستكون له عواقب وخيمة على الجالية المغربية بإيطاليا، حيث عمدت العديد من التصريحات والكتابات العنصرية للنيل من أفرادها طيلة مدة التحقيقات مع المتهم المغربي.
وليست المرة الأولى التي يسقط فيها مهاجرون مغاربة ضحايا ترجمات خاطئة لمكالماتهم الهاتفية، خصوصا في ما يتعلق بما يسمى بقضايا “الإرهاب”.