الجالية24

تكبد عمليات اختلاس الكهرباء وجر الخيوط من الأعمدة ومراكز التوريد، المكتب الوطني للكهرباء ملايين الدراهم سنويا، كما تكبده عمليات تخريب المنشآت الكهربائية ملايين إضافية، قد تصل إلى مليار درهم، تؤديها هذه المؤسسة العمومية من ميزانيتها السنوية في شكل صفقات لإعادة شراء المعدات المنهوبة، أو إصلاحها للحفاظ على استمرارية المرفق العام.
وقال تقرير توصل به سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، إن السرقات التي تتعرض لها مقدرات المكتب الوطني للكهرباء، لا ينتبه إليها أي أحد، رغم أهميتها في حساب الكلفة العامة للتدبير، مؤكدا أن هناك ما يشبه الموقف السلبي للدولة من هذا الموضوع، وعدم توجهها لوضع حد نهائي وحقيقي لهذه الآفة التي تنتشر في الأحياء العشوائية في ضواحي المدن، أمام مرأى ومسمع السلطات المعنية.
وأورد التقرير، الذي أنجزته الجامعة الوطنية للطاقة، عددا من معطيات غير المسبوقة التي تجسد حقيقة “أزمة” المكتب الوطني للكهرباء، مؤكدا أنه تعرض، في العشرية الأخيرة إلى حملات ممنهجة للتضخيم عنوانها “إفلاس المكتب”.
ومن بين هذه المعطيات أنه منذ 1995، بعد تفويت “المحطة الحرارية بالجرف الأصفر”، انطلق مسلسل تفكيك خدمة الإنتاج بنقل أنشطتها إلى القطاع الخاص، منهيا بذلك احتكار المكتب لعملية الإنتاج.
وقال إن المكتب تلقى ضربة قاسية على مستوى المداخيل، بعد هذا التفويت، إضافة إلى زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج، ما جعله يواجه صعوبة كبيرة في وضعه المالي، نظرا لاقتصاره فقط على أنشطة النقل والتوزيع ذات التعرفة الاجتماعية، ضمانا للخدمة العمومية.
وأوضح التقرير أن المكتب تحمل أعباء مالية إضافية لتلبية الحاجيات الجديدة في البنيات التحتية الأساسية من مطارات وموانئ ومحطات القطار وسدود ومناطق صناعية وغيرها، وكذا النمو الديموغرافي وتوسع المجال الحضري، ومن ذلك تعميم الكهرباء على كافة المواطنين في إطار برنامج الكهربة القروية الشامل، وهو مشروع باهظ التكلفة وقليل المردودية.
وأضاف تعنت بعض الإدارات والمؤسسات (خصوصا الوكالات) وتهربها عن أداء ما بذمتها للمكتب لسنوات، من الأعباء المالية، ناهيك عن ‏رفض الدولة زيادة أسعار الكهرباء كلما ارتفعت أسعار المحروقات، تجنبا لأي اضطراب يهدد السلم الاجتماعي.
وأدت هذه العوامل إلى جانب أخرى، حسب التقرير، إلى عجز مزمن في ميزانية المكتب، نتيجة عدم التوازن بين سعر بيع الكهرباء المحدد من قبل الدولة، وتكلفته الحقيقية، علما أن الهدف الرئيسي للمكتب الوطني للكهرباء هو تحقيق الخدمة العمومية بأقل تكلفة لصالح المواطنين من خلال التسعير المناسب (التعريفة الاجتماعية).
وتختلف هذه الخدمة عن خدمات شركات توزيع الكهرباء الخاصة التي يتمثل هدفها الأساسي في جني أكبر قدر من الأرباح، دون مراعاة للجانب الاجتماعي، كما يتضح ذلك بشكل جلي في المدن الموكل تدبير توزيع الكهرباء فيها إلى الخواص كالرباط وطنجة وتطوان والبيضاء.
وفيما يتحمل المكتب الوطني للكهرباء تكاليف دعم الكهرباء التي تفرضها عليه الدولة من خلال تحديد التعرفة، يضيف التقرير نفسه، أصبحت مهمتا إنتاج وتوزيع الكهرباء منجما للذهب بالنسبة إلى شركات الخاصة التي حققت أرباحا خيالية، بفضل العقود المربحة والاستفادة من العديد من أطر المكتب التي راكمت تجربة طويلة وخبرة كبيرة في المجال.