الجالية 24/ هولندا: محمد أشهبون

ملاحم عرش وشعب.. استكمال الوحدة الترابية
زيارة جلالة المغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان
25_02_1958
يخلد الشعب المغربي، سنويا في 25 من فبراير الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة المغفور له محمد الخامس إلى محاميد الغزلان، والتي تعد حدثا مجيدا تعكس العلاقات المتينة التي تجمع بين العرش والشعب، وكذا العزم الأكيد في استكمال الوحدة الترابية للمملكة.
فبعد عودة أب الأمة من المنفى القسري وبعد مرور سنتين من الإعلان عن استقلال البلاد وانعتاقها من ربقة الاستعمار، أكد جلالته بمحاميد الغزلان العلاقات الوثيقة التي لطالما وحدت ساكنة الأقاليم الجنوبية بالملوك المغاربة ورغبة المملكة الأكيدة في استكمال الوحدة الترابية.
تعتبر هذه الزيارة الملكية الميمونة تعبيرا قويا تحيل على عزم الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد على استكمال استقلاله، وحرصه على استرجاع أراضيه المغتصبة، حيث استقبل رضوان الله عليه وجهاء وشيوخ وممثلي القبائل الصحراوية لتجديد البيعة والولاء.
جسد جلالته في خطابه التاريخي بالمناسبة مواقف المغرب ومواصلة نضاله من أجل استكمال وحدته الترابية.
وقد أعلن جلالة المغفور له محمد الخامس فور عودته مظفرا منصورا من المنفى السحيق إلى أرض الوطن، يوم 16 نونبر 1955، حرصه على إعادة بناء الكيان الوطني على أسس الاندماج بين مناطقه وأقاليمه وتحطيم الحدود الوهمية الموروثة عن العهد الاستعماري.
وقبل أيام من زيارته لمناطق ورزازات وزاكورة، ألقى جلالته، رحمه الله، خطابا بعرباوة يوم _16 فبراير 1958_ جاء فيه:
*وإن مجيئنا الرمزي إلى هذا المكان ليؤذن بأنه لن يبقى بعده شمال وجنوب إلا في الاصطلاح الجغرافي العادي وسيكون هناك فقط المغرب الموحد*.
وتظل المعارك التي خاضها جيش التحرير بالجنوب، الذي شكل أبناء الأقاليم الصحراوية عموده الفقري، منقوشة في السجل التاريخي بمداد الفخر والاعتزاز، وهي المعارك التي أظهر فيها أبناء الجنوب قدرة فائقة على التضحية والفداء، مكرسين بذلك تقاليد الكفاح الوطني التي أسسها السلف عبر الحقب، والتي لم تكن ملحمة معارك بوغافر بجبل صاغرو سنة 1933 إلا واحدة منها.
وبقدر ما كانت هذه الزيارة الملكية الميمونة تجسيدا للعلاقات القائمة على امتداد قرون بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الأبي، بقدر ما كانت تأكيدا وتثمينا لنضال وإصرار أبناء المناطق الجنوبية على التحرير والوحدة.
لقد أظهر أبناء الأقاليم الجنوبية تمسكا قويا وراسخا بدينهم ووطنهم وملكهم، كما أبدوا اعتزازا عميقا بانتمائهم إلى الرصيد النضالي التاريخي الذي جمع سكان الصحراء بإخوانهم في سائر مناطق البلاد خلال فترات تاريخية ونضالية ضد الاحتلال الأجنبي.
وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، قد أكد بشكل صريح وواضح في خطابه يوم _6 نونبر 2017_ بمناسبة تخليد الذكرى الـ 42 للمسيرة الخضراء المظفرة أن
*خطاب محاميد الغزلان التاريخي يحمل أكثر من دلالة. فقد شكل محطة بارزة في مسار استكمال الوحدة الترابية، وأكد حقيقة واحدة، لا يمكن لأي أحد إنكارها، هي مغربية الصحراء، وتشبث الشعب المغربي بأرضه*.
كما كان جلالة المغفور له الحسن الثاني عند زيارته الميمونة لمحاميد الغزلان يوم _11 أبريل 1981_، قد قال في خطابه السامي بالمناسبة عن المضامين السياسية والدلالات التاريخية العميقة التي يرمز إليها هذا الحدث الوطني المجيد :
*إن الذاكرة ترجع بنا إلى الوراء، ترجع بنا إلى سنة 1958 حينما زاركم والدنا المنعم محمد الخامس، وإننا لنذكر تلك الزيارة باعتزاز وتأثر، نذكرها باعتزاز، لأن من هنا انطلق صوته رحمة الله عليه مطالبا باسترجاع الأراضي المغربية حتى تتم الوحدة الوطنية، ونذكرها بتأثر لأنها لم تكن صيحة في واد، بل كانت نداء وجد أعظم صدى، وكان درسا في السياسة والصبر والمصابرة ها نحن اليوم نجني ثماره*.
وشكلت المسيرة الخضراء تجسيدا لمضامين الخطاب السامي الذي وجهه جلالة المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، إلى ساكنة محاميد الغزلان، ومحطة بارزة في مسار استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.
وعلى هذا النهج الثابت، يواصل جلالة الملك، محمد السادس، نصره الله تعالى وأيده، ملحمة الدفاع عن الوحدة الترابية وصيانتها وتثبيت مغربية الأقاليم الصحراوية التي كانت وستظل جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني في ظل السيادة الوطنية.
فبفضل القيم النبيلة، و التعبئة الوطنية الجماعية، تمكن المغرب من استرجاع أقاليمه الجنوبية، وإعادة الأمن والأمان في نونبر 2020 الى منطقة الكركرات. وبهذا يواصل المضي قدما في مسيرات التنمية والبناء.
وما أحوجنا اليوم لهذه القيم، وتجسيدها في المدرسة والأسرة والمجتمع، وفي كل المجالات، لرفع التحديات الداخلية والخارجية، التي تواجه بلادنا.
ونود بهذه المناسبة، أن نعبر عن اعتزازنا بقواتنا المسلحة الملكية، وبالقوات الأمنية، بكل مكوناتها، وعن تقديرنا للجهود والتضحيات التي تبذلها، وعلى تجندها الدائم، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، محمد السادس، حفظه الله للدفاع عن الوحدة الترابية للوطن، وصيانة أمنه واستقراره.
ننتهزها فرصة لتجديد التزامنا، وتقوية التعبئة في صفوف مغاربة العالم الى جانب إخواننا الأوفياء داخل الوطن من أجل النهوض بالتنمية الشاملة بكل جهات المملكة، في ظل مغرب موحد، يضمن لكل أبنائه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وفي ذلك خير وفاء، للأرواح الطاهرة لأبطال التحرير والاستقلال، وفي مقدمتهم المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، أكرم الله مثواه، ولقسم المسيرة الخضراء، ومبدعها، جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ولكل شهداء الوطن الأبرار.
نسأل الله تعالى أن ينصر صاحب الجلالة الملك محمد السادس ويحفظه وسائر الأسرة الملكية الشريفة والشعب المغربي الوفي. ويبقى شعارنا الخالد: الله_ الوطن _ الملك.