الجالية24/ رضوان بن شيكار

تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في إحدى المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الأسبوع الكاتب يوسف كرماح.
1. كيف تعرف نفسك في سطرين؟
ـ يوسف كرماح أعظم كاتب لم يكتشفه العالم بعد، انتظروني فأنا قادم، أنا لا أقهر. على رأي الكاتب العالمي جون فونتي.
2. ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
ـ بالنسبة للقراءة فهي طقس لا يتجزأ من حياتي اليومية. أقرأ مخطوطات لم تنشر من قبل وأقرأ إصدارات مهمة ومتنوعة تتوزع بين الأدب المغربي والأدب العربي والأدب العالمي. أفضل الكتب التي قرأت هذه السنة. رواية؛ “غاسل صحون يقرأ شوبنهاور” لمحمد جعبيتي، و”حي الدهشة” لمها حسن، و”سرير بروكرست” لعمر والقاضي، “الملف 42” لعبد المجيد سباطة، وفي الأدب العالمي ثلاثية إيرفين يالوم؛ “عندما بكى نيتشه”، “علاج شوبنهاور”، “مشكلة سبينوزا”. “تاريخ المغرب” دانييل ريفيه ، الأعمال الكاملة لفيلسوف التشاؤم، سيوران…
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
بدأت الكتابة في سن العشرين، عندما قرأت لمحمد شكري واكتشفت وجود تقاطعات في حياتينا وأن باستطاعتي أن أكتب مثل ما يكتب وإن كان الأمر بعيدا عما توقعته، إذ ليس من السهل أن تكتب ببساطة كما يكتب محمد شكري ومحمد زفزاف.
السؤال الجوهري. لماذا أكتب؟ عندما اقتحمت عالم الكتابة لم أكن أعي لم أكتب، كنت أريد أن أكون كاتبا وكنت مسلحا بحلم أن أصبح مشهورا كما محمد شكري، ولكن عندما تشبعت بالأدب، وتعمقت مقروئيتي، أدركت أن حلمي كان أقرب للسراب أو المتاهة. خاصة عندما قرأت لتشارلز بوكوفسكي وتشبعت بكتاباته وأدركت الغاية من الكتابة. سيما في قصيدة؛ “لا تحاول”. أيضا عندما قرأت “الحارس في حقل الشوفان”، للكاتب الأمريكي سالنجر، شدتني عبارة مهمة في روايته، تتعلق بالزيف. عبارة مفادها إذا كنت تكتب من أجل الشهرة فأنت واهم. إذا كنت تكتب من أجل المال فهذه معضلة كبرى، يجب أن تكتب فقط لأنك منشغل بهم الكتابة، ولا شيء آخر.
الآن يمكنني القول إنني أكتب لأخلد. فقط لا أقل ولا أكثر. أريد أن أترك أثري في هذه الحياة. لا أريد ان أموت نكرة كذبابة.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
ـ هي مدينة أسطورية واحدة، اسمها طنجة. لا أستطيع العيش بعيدا عن طنجة. جربت العيش والاستقرار في مدن عدة مثل فاس والقنيطرة ووجدة، ولكن سرعان ما يشدني الحنين إلى مدينة طنجة، يوجد سحر في هذه المدينة لا يوجد في فضاءات أخرى. هي مدينة لا تشيخ، متجددة. مدينة أدبية، مدينة تاريخية، مدينة الممكن والمستحيل، مدينة لا تشعرك بالغربة. هذا ما يميز هذه المدينة.
5. هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
ـ لست راضيا عن انتاجاتي، ولكن لولاها لما كان هذا الحوار، أذكر قولة لمحمود درويش في هذا السياق، عندما سُئل نفس السؤال وكانت إجابته لولا أعمال البدايات لما كان محمود درويش الذي يعرفه العالم الآن. لست راضيا لأنني دوما أتعلم ودوما أكتشف ودوما أتشبع بثقافات جديدة. لو كان بودي لما كتبت ما كتبته لأنه افتقر للعمق وللمعنى. ولسؤال الكتابة الجوهري لم نكتب. وبخصوص الجديد والأعمال المقبلة، يمكنني القول انتظروني فأنا قادم، هناك رواية قيد النشر تعد باكورتي الحقيقة في عرين الأدب.
6. متى ستحرق أوراقك الإبداعية بشكل نهائي وتعتزل الكتابة؟
الكاتب لا يعتزل. يكتب متى كان قادرا على الإبداع. اليتامى هم الذين يعتزلون. لا أريد أن أعتزل. أريد أن أظل حيا وخالدا حتى بعد أفولي.
7. . ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
العمل الذي تمنيت لو كنت كاتبه هو “مائة عام من العزلة”، أبهرني عندما قرأته، بخياله الواسع وبواقعيته السحرية.
بالنسبة لطقوس الكتابة. أحيانا أكتب تلبية لنداء الإلهام وأحيانا أخرى أحرض إلهامي وأوقظه من سباته.
أكتب معظم الوقت في الحانات والمقاهي. لا أستطيع أن أكتب ولا أن أقرأ في المكتب. أو في غرفة مغلقة وأضرب بقبضتي على الجدار وأشحذ مخيلتي.
8. هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
ـ الكاتب هو الأجدر بأن يكون له دور مهم في توجيه بوصلة المجتمع. ولكن للأسف في هذا الزمن الكاتب مجرد حازوقة ومجرد بيدق، تنكر للقضايا وتنكر للمواقف ولبس قناع ذئب وزواحف سامة، وتدثر عباءة المصلحة والبحث عن فتات الكعك أينما وجد، كالقوارض.
ولذلك دوما أفكر بأنه ليس لدينا كُتاب ولا مفكرون ولا مبدعون، لدينا آلات كاتبة. الكاتب الذي لا يستطيع تغير مجتمعه نحو الأفضل والتصدي للقمع بجميع أشكاله، ليس كاتبا، عندما يصبح صوت الساسة والجهلاء والقردة القاعدة الأساس لا يحق لنا أن نفتخر بأنه لدينا كتاب.
المبدع العربي يبحث عن الخبز وعن المصالح. لم ينضج كفاية ليراهن على القضايا وليعيش لأجل هذه القضايا التي تهم المجتمع. الكاتب إما منزو في برجه العاجي بعيدا عن هموم المجتمع أو أنه متسلح بالهراء والسخافة، ويحمل سيفه لتقطيع أوصال هذا المجتمع.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
ـ العزلة الأكثر ثقلا على الكاتب تكمن في عدم قدرته على كتابة ما يريد.
10. شخصية في الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
ـ محمد زفزاف، لأنه كاتب كبير كبير كبير بما تحمل الكلمة من معنى، ونادرا ما يجود الزمن بصنوه.
11. ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
ـ للأسف لا أحد يستطيع الرجوع بعجلة الزمن للوراء، لو كان ذلك ممكنا لكان العالم غير ما هو عليه اليوم.
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
ـ يبقى ماذا تعلمنا من هذه الأشياء، الدروس.
13. صياغة الآداب لا تأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثنا عن مجموعتك القصصية: “آخر الصعاليك “، كيف كتبت وفي أي ظرف؟
ـ هذه المجموعة اعتبرها قمة نضجي المعرفي لحد اللحظة. لأنها وظفت تقنيات وأفكار متشبعة بمقروئية هامة. كتبتها كلها في حانات ومقاهي وشطرا منها على فخذ أنوثة باذخة. تنتصر للهامش وتحاكي قضايا الهامش المسحوق. بطبيعة الحال لم تكتب تحت تأثير الهلوسة، لكنها كانت تجربة تنهل من معين الأدب العالمي.
14. ما الذي يريده الناس، تحديدا من الكاتب؟
ـ أن ينتصر لمواقفهم ويعبر عن همومهم. أن يجدوا ذواتهم في كتاباته، أن يكون مقنعا.
15. ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
ـ أعظم اختراع في العالم منذ الأزل هو الكتابة. كان لها أثر كبير في التطور. بدون الكتابة والقراءة ما كنا لنفرق حتى بين الإنسان والحيوان.
ولكن سأطرح سؤالا بصيغة أخرى؛ كم عدد الإصدارات التي تزين واجهة المكتبات كل سنة؟ بطبيعة الحال الكثير، ولكن، ليست كلها مقنعة.
والمسألة الأخرى المهمة. أنه ليس بالضرورة على الكاتب أن يكتب عن علاقته بالواقع الذي يعيشه. الواقع لم يعد في حاجة إلى الكاتب ليعبر عنه. العالم العربي أصبح واعيا بواقعه أكثر من شرذمة الكتاب والمثقفين.
16. . كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ النشر في مواقع التواصل فعال، قبل ثورة تكنولوجيا الرقمي، كان النشر محتكرا في الملاحق الثقافية التي كانت تحكمها اعتبارات عدة. وكانت هناك عراقيل في التواصل مع دور النشر، اليوم تقلصت المسافات. بواسطة كبسة زر تشرع نوافذ قرية العالم الصغيرة.
17. أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
ـ يوجد الكثير، ولكن الأهم كيف تقاوم وتنهض من كبواتك.
18. كلمة أخيرة أو شيء ترغب في الحديث عنه؟
ـ لا أتحدث في الغالب سوى في حدود ما يجب أن أتحدث فيه وعنه.