الجالية 24/ هولندا: ذ.محمد أشهبون
يخلد الشعب المغربي في 18 نونبر من كل سنة في أجواء من الفخر والاعتزاز ذكرى عيد الاستقلال التي تعتبر ملحمة عرش وشعب. لقد جسدت انتصار إرادتهما والتحامهما الوثيق للذود عن وحدة الوطن وسيادته ومقدساته.
وتعد هذه الذكرى وإن صادفت هذه السنة حالة تفشي وباء كوفيد 19 ولكنها مناسبة مجيدة لاستحضار التضحيات الجسام التي بذلت في سبيل الدفاع عن الوطن وتحريره من براثن الاستعمار الفرنسي والاسباني الذين انتهى بهما المطاف بالجلاء مع بزوغ فجر الاستقلال.
و يستحضر المغاربة السياق التاريخي لهذا الحدث العظيم الذي لم يكن تحقيقه أمرا سهلا أو هينا، بل إنجازا كبيرا طافحا بمواقف وعبر بليغة وتضحيات جسام وأمجاد تاريخية عكست الوطنية الحقة في أسمى وأجل مظاهرها.
ومن أبرز هذه المحطات التاريخية التي ميزت مسار الكفاح الوطني الزيارة التاريخية التي قام بها أب الوطنية وبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس إلى طنجة يوم 9 أبريل 1947 تأكيدا على تشبث المغرب، ملكا وشعبا، بحرية الوطن ووحدته الترابية وتمسكه بمقوماته وهويته.
وبعد هذه الزيارة الميمونة الحبلى بقيم التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار، اشتد تكالب السلطات الفرنسية، خاصة أن جلالة المغفور له محمد الخامس لم يخضع لضغوط سلطات الحماية، فكانت مواقفه الرافضة لكل مساومة سببا في شروع المستعمر في تدبير مؤامرة النفي.
وتعكس ذكرى الكفاح الشجاع لشعب توحد وراء ملكه، حيث انطلقت شرارة ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1953، التي يعد الاحتفاء بها مناسبة للأجيال الصاعدة لإدراك حجم التضحيات التي بذلها السلف الصالح للانعتاق من جور الاستعمار واسترجاع المغرب لاستقلاله سنة 1955.
وانتصرت الإرادة القوية للأمة، بتناغم مع العرش للدفاع عن القيم الوطنية المقدسة، ضدا على مخططات المستعمر الذي لم يدرك أنه بإقدامه على نفي رمز الأمة، جلالة الملك الراحل محمد الخامس وأسرته، لم يقم سوى بتأجيج وطنية المغاربة والتعجيل بنهاية عهد الحجر والحماية.
وأعلن فور عودته رفقة الأسرة الملكية، يوم 18 نونبر 1955 من المنفى إلى أرض الوطن، جلالة الملك الراحل عن انتهاء نظام الوصاية والحماية الفرنسية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال.
وجسد بذلك الانتقال من معركة الجهاد الأصغر إلى معركة الجهاد الأكبر بتعليم نافع وترسيخ للقيم وصحة وسلامة.
وإن كان بلدنا ما زال يقاوم المتربصين بوحدته. لكن الغيورين على الوطن سواء داخل أو خارج الوطن يقاومون على غرار بطولات الأجداد من أجل جمع الشمل وتجنب كل تفرقة واي استهداف للوحدة وأمن وأمان الوطن والمواطنين الأبرار.
وشكل الاستقلال نصرا مبينا وحدثا تاريخيا حاسما، توج بالمجد وتلاحقت أطواره وتعددت صوره وأشكاله في مواجهة الحماية منذ 30 مارس سنة 1912.
نعتز بأن المعارك والانتفاضات الشعبية التي خاضها أبناء الشعب المغربي بكافة ربوع المملكة كثيرة في مواجهته للإستعمار.
ومن هذه البطولات معارك الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وسيدي بوعثمان وقبائل آيت باعمران ومثلث الموت باجزناية المتكون من تيزي اوسلي وبورد واكنول والأقاليم الجنوبية، وغيرها من المعارك التي لقن فيها المجاهدون للقوات الاستعمارية دروسا في الصمود والمقاومة والتضحية.
ومن روائع الكفاح الوطني، ما قامت به الحركة الوطنية مع مطلع ثلاثينات القرن الماضي بالانتقال إلى النضال السياسي والعمل الوطني الهادف بالأساس إلى نشر الوعي الوطني وشحذ العزائم وإذكاء الهمم في صفوف الشباب وداخل أوساط المجتمع المغربي بكل فئاته وطبقاته والدفاع عن استقلال المغرب في المحافل الدولية.
وبتخليد هذه الذكرى الحافلة بالرموز والقيم، يجدد الشعب المغربي التأكيد على موقفه الثابت للتعبئة العامة والانخراط الكلي في الملاحم الكبرى للدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب وقيم الانفتاح والوسطية والحوار.
كما تعتبر هذه الذكرى برهانا على إجماع المغاربة وتعبئتهم للتغلب على الصعاب وتجاوز المحن، ودليلا على التشبث الوثيق بمقدسات الوطن الذي أبان عنه جميع المغاربة من طنجة إلى لكويرة.
وسيرا على نهج جلالة المغفور له محمد الخامس، ومن بعده جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، يشهد المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس العديد من الأوراش التنموية والإصلاحات الكبرى التي همت مختلف المجالات.
ويعمل صاحب الجلالة الملك محمد السادس على ترسيخ دعائم دولة المؤسسات وإعلاء مكانة المملكة بين الشعوب والأمم، في إطار من التلاحم والتمازج بين كافة شرائح الشعب المغربي وقواه الحية، وذلك في أفق كسب رهانات التنمية المندمجة.
وبعد إرساء ورش التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يواصل جلالة الملك محمد السادس اليوم، سيرا على نهج جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، هذه الدينامية المتجددة عبر إرساء أسس اقتصاد عصري وتنافسي حديث وتكريس قيم الديمقراطية والمواطنة واعتبار الشباب ركيزة تنمية مستدامة.
وتعززت في عهد جلالة الملك محمد السادس روابط التعايش بين عرش تليد وشعب وفي من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية وكل القضايا الوطنية و خاصة في ظرفية صعبة في ظل تفشي الجائحة، وباء كوفيد و العمل على النهوض بالتنمية السوسيو-اقتصادية، في إطار مغرب فاعل متماسك.