الجالية 24/ ذ.عبد السلام بلمونتي
لم تعد مدينة الناضور التي كان يقال عنها معظم المحللين الاقتصاديين أنها تحتل المرتبة الثانية بعد الدار البيضاء القلب النابض للاقتصاد الوطني من حيث الودائع المالية في السنوات الماضية نظر لموقهعا الاستراتيجي في شمال المملكة كبوابة مطلة على اروبا بحكم نشاطها التجاري مع مدينة مليلية السليبة التي تبعد بكيلومترات قليلة عن مدينة الناضور التي كانت تعرف حركية تجارية دائمة من خلال ما عرف بالاقتصاد المعيشي للمواطنين الذين يزاولون هذه المهنة،وأيضا المغاربة الوافدين من مدن اخرى كفاس و الدار البيضاء والرباط ….،من أجل التبضع وكسب المال من هذا النشاط التجاري.
غير أن هذا الوضع سيتغير تدريجيا بعد تشديد الرقابة و فرض الغرامات الجمركية على كل البضائع المهربة ،وسيتم القضاء على كل مظاهر التهريب المعيشي الذي كان مصدر قوت يوم أغلب الطبقات المقهورة بداخل الاقليم أو خارجه، واصبح ممتهنيها يتعرضون لمضايقات جمركية يومية تحد من هذا الرواج على مستوى التهريب المعيشي. ليتم إنهاء هذا النشاط كليا مع اغلاق الحدود بين المدينتين،او بين البلدين مع تفشي انتشار وباء كورونا اللعين،لكي يتم تبرير القضاء على تجليات هذا الا قتصاد غير المهيكل والذي لا نختلف على أضراره فيما يخص انعكاساته على الاقتصاد المغربي. لكن الاشكال الحقيقي الذي يطرح نفسه بحدة ،يمكننا ان نصوغه في التساؤل التالي: ألم تفكر الحكومة المغربية الحالية في ايجاد بديل تنموي يناسب خصوصية إقليم الناظور ومنطقة الريف الشرقي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية،؟مادور النخب السياسية المحلية في الترافع عن مشاكل و معاناة الساكنة المحلية امام ركود الوضع الاقتصادي المعيشي للمواطنين الذين كانوا يزاولون مجموعة من الأنشطة غير المهيكل؟
ألم يعي منتخبوها و الجهات الأخرى المسؤولة عن تديبر الشأن المحلي بالاقليم خاصة و الجهة الشرقية عموما خطورة تدني هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي و الصحي ؟
نعم لا يمكن ان ننكر في هذا السياق مجهودات الدولة في سياق توفير بنيات اقتصادية وسياحية المتمثلة في انشاء وكالة مارتيشكا التي أخذت على عاتقها مسؤولية كبيرة في ما يتعلق بالتهيئة الحضرية للمدينة و ما يجعلها قبلة لمختلف الأنشطة السياحية و الأيكولوجية و الثقافية،غير ان هذه الانجاز الطموح لم يقابله انجازات على المستوى الاجتماعي فيما يتعلق بالقضاء على البطالة و توفير فرص الشغل للشباب التي تنتظر اشارات الهروب و الهجرة المعلنة وليست سرية كما يروج في التعابير الصحفية و الإعلامية الى الضفاف الاخرى من القارة الأوروبية،دون ان تنسى جحيم وعود منتخبيها في الطريق التي سئم منها في حملاتهم الانتخابية قد تتحقق أو قد تنتهي بحتمية ميتافيزيقية غير منتظرة. و ما يهمها في هذا المجال هو الهروب من جحيم قاس،لا رحمة فيه و لا شفقة الى جحيم اقل قساوة وينال عطف وحنان مجتمعات إنسانية أخرى محتظنة لمعانات شباببنا و اطفالنا المتشردين بالمدينة و الذين يحجون اليها من كل حدب و صوب من المملكة لانتظار رحيل تلقائي محفوف بالمغامرة و المخاطر.
وما يحز في النفس مؤخرا ،ما يعيشه الاقليم على مستوى انهيار المنظومة الصحية بأكملها وعدم قدرة المستشفى الحسني بالناظور على استيعاب عدد المصابين عدوى الفيروس التاجي،ناهيك عن الخدمات الطبية المرتبطة بالامراض المزمنة الاخرى و التي لا تجد سوى اشارات الموت في أسرتها المتأكلة.
ومن هذا المنبر، أود في هذا الموضوع أن تعم المبادرات الإيجابية و الهادفة بانشاء لجنة إقليمية و جهوية و مركزية تتكون من فاعلين اقتصاديين و سياسيين و جمعوييين لتقديم خطة و برنامج واضح لأنقاذ المدينة من تداعيات الأزمة و الفساد الذي راكم تدبير المدينة ،بعيدا عن المزايدات السياسية و الانتخابية.