الجالية24/ ذ.رضوان بن شيكار

تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة. ضيف حلقة الاسبوع الكاتب و الناقد المغربي بوزيان موساوي.

ـ كيف تعرف نفسك للقراء في سطرين؟

ـ بوزيان موساوي: فاعل تربوي، و كاتب. أستاذ سابق بمركز تكوين الأساتذة/ الناضور. حاليا مدير ثانوية تأهيلية بمدينة وجدة، و أستاذ زائر بكلية الآداب و العلوم الانسانية بجامعة محمد الأول/ وجدة.

ـ ماذا تقرأ الآن؟

ـ بصدد إعداد قراءة نقدية تطبيقية في المجموعة القصصية “هناك خطأ ما ” للقاص المغربي عبد المجيد طعام. و فوق الطاولة أكثر من 15 عمل أدبي جديد من مجموعات قصصية و روايات و دواوين شعرية لمبدعات و مبدعين من الوطن العربي و خارجه… هي مُبرمجَة لقراأت نقدية تطبيقية ضمن مواد نافذة النقد على صفحتي الفيسبوكية…

ـ وما هو افضل كتاب قرأته ؟

ـ لا يمكن لي صدقا المفاضلة بين الكتب التي قرأتها… في حضرة أي كتاب يشدّني بجمالية لغته و بعمق رسائله، أقول: هذا أفضل كتاب قرأته… رغم أني أعتبر جبران خليل جبران أبي الروحي في الأدب (كتاب “الشعلة الزرقاء” نموذجا) … بعد شكسبير. (مسرحية “حلم ليلة صيف” نموذجا…).

ـ متى بدأت الكتابة؟

ـ بدأتُ الكتابة بالفرنسية في منصف الثمانينيات من القرن الماضي… بعدها، بالأمازيغية ابتداء من 1990، ثم بالعربية الفصحى ابتداء سنة 1994.

ـ ولماذا تكتب؟

ـ فعلُ الكتابة بالنسبة لي هواية، و غواية، و رسالة… هناك نصوص هي التي تكتبُنا… و لا يمكن سؤالها: لماذا تكتبنا؟…

ـ ماذا تمثل مدينة الناظور بالنسبة لك؟

ـ مدينة الناضور هي “ثدي” سقاني الحياة جرعة جرعة… هي الذاكرة المشتركة… هي الألم و الأمل… هي من بين المحطات الرئيسة (بجانب ثلاث مدن أخرى هي مدينة مكناس، و مدينة نانسي الفرنسية، و مدينة مليلية المحتلة) التي وشمت سيرتي الذاتية إلى الأبد….

ـ هل انت راض على انتاجاتك؟

ـ و هل أنت صديقي الشاعر و الأديب سي رضوان بن شيكر راض على إنتاجاتك؟… كل عمل جديد ينسينا غالبا الذي سبقه… لو توقفنا عند عمل واحد، نجهض مسيرتنا الابداعية… هذا لا يعني أنني لستُ راضيا على كتاباتي… لكن القادم من الأعمال لابد أجمل… لما نشرتُ مؤخرا على سبيل المثال لا الحصر مجموعتي الشعرية الحوارية “على خطى ميْ و جبران” سنة 2019 ( وهي كتابي السادس)، و نظرا لحفاوة الاستقبال الذي حظيتْ به محليا و وطنيا و عربيا من طرف القراء و النقاد، أنسَتْني (هذه المجموعة الشعرية) كل أعمالي السابقة، و في ذات الآن تكوّن لديّ ما يشبه “مأزق” إنتاج عمل أجمل منه… لكن الحمد لله، استطاعت مجموعتي الشعرية الحوارية الجديدة “صاحبة الشال الأزرق” (و هي تحت الطبع بدار النشر “مقاربات” / فاس. المغرب… نشرتُ البعض من نماذج نصوصها على صفحتي الفيسبوكية، و على أعمدة بعض الصحف الالكترونية..) أن تخطف الأضواء من المجموعة السابقة… أما أعمالي في مجال “النقد الأدبي التطبيقي” فلقد نالت رضا لجنة قراءة علمية بعمان/ الأردن، و أوصت بنشرها على شكل كتاب، و هو ما حدث فعلا: إذ تكلفت دار “البيروني ناشرون و موزعون” (عمان /الأردن) بطبعه و نشره و توزيعه على نفقتها شهر مارس 2020، و سيُتبع بالجزء الثاني منه بعنوان آخر مباشرة بعد “الحجر الصحي” إن شاء الله…

ـ وماهي اعمالك المقبلة؟

ـ أنتظر بعض الوقت حتى تنتشر مجموعتي الشعرية “صاحبة الشال الأزرق”، و رأي ذوي التخصص من القراء في كتابي النقدي (“في رحاب الأدب العربي الحديث/ مقاربات تطبيقية”)، قبل التفكير في طبع و نشر أي كتاب آخر…

ـ متى ستحرق اوراقك وتعتزل بشكل نهائي؟

ـ لمّا أوارى التراب.

ـ ماهو العمل الذي تمنيت ان تكون كاتبه ولك طقوس خاصة للكتابة؟

ـ العمل الذي تمنيتُ أن أكون أنا كاتبه؟… أحب قراءة ما كتبه غيري،… لكن العمل الذي أتمنى أن أكون كاتبه هو أكيد سيكون رواية تسكنني (روايتي)، و لم تبلغ مرحلة المخاض بعد…

ـ ما هو تقييمك للوضع الثقافي الحالي بالناظور؟

ـ اعفني من الاجابة (بدون تعليق.)

ـ وما هو دور المثقف او المبدع في التغيير؟

ـ رجل السياسة كائن انتخابي عابر تنتجه ظرفية و يبقى حبيسها… المثقف الإيجابي (و لا أقصد بالمثقف من “يحمل (؟)” الشهادات العليا فقط ) يقرأ الماضي و الحاضر ليستشرف المستقبل…استشراف على شكل “مشاريع مجتمعية” تماما كما فعل منظّرو”فلسفة الأنوار” في الغرب (هوبز، و روسو، نيتشه، و فولتير، و ماركس…)، و دعاة الفكر التحرري العربي أمثال محمود إسماعيل، و حسين مروة و الطيب التزيني و عزيز بلال و محمد عابد الجابري و عبد الله العروي و آخرون… لكن في غياب “ثقافة الاعتراف”، و في ظل سيادة “ثقافة الاقصاء” و “الاقصاء المُضاد”، نلاحظ مع الأسف ان بعض المثقفين (ومنهم فنانون و شعراء و كتاب مبدعون) يشبهون “الدون كيشوط” لمّا يدخلون حلبة صراعات هامشية مجانية… على حساب مبادرات فردية أو جماعية تفكر في أرضية ممكنة للنهوض بالعمل الثقافي،مشاريع ممكنة تشبه إلى حدّ ما “تقرير الخمسينية”، أو ما تقوم به اليوم “اللجنة الملكية” المختصة ببلورة رافعات “النموذج التنموي الجديد”، و “العقد الاجتماعي” المرتبط به … و تكريس “ثقافة الاقصاء” طردت الكثيرين من المشهد الثقافي… مما أفرز ما يسمى بظاهرة “العزوف”، أو “استقالة المثقف”…

ـ ماذا تعني ان تعيش عزلة اجبارية وربما حرية اقل؟ وهل العزلة قيد ام حرية بالنسبة للكاتب؟

ـ ليس هناك أثمن و لا أقدس من حرية الفرد… و “العزلة الاجبارية” كما سميتها صديقي الشاعر و الاعلامي سي رضوان بن شيكر، قد تشبه بالنسبة للبعض “حكما بالإقامة الجبرية”… لكننا نعلم أن الأمر يتعلق ب “حجر صحي”، بمعنى اتقاء عدوى الآخرين (يتحول في هذا السياق “الآخر” إلى “جحيم” بالمقهوم السارتري)، و كذلك المحافظة على سلامة هذا “الآخر” منا… لتختزل بكذا سلوكات حضارية مقولة “الإنسان أولا”… و تصبح العزلة بهذا المفهوم دعوة للجلوس مع الذات لتقييم الحصيلة: من أنا؟ (الأنا الفردي، و الجمعي) ماذا فعلت؟ كيف أتعامل مع غيري؟ ما هي مساوئي؟ ما هي فضائلي؟ ما هي الأمور العالقة؟ … كيف أرتب اموري (كفرد و كمجتمع) هنا/ الآن، و بعد “الحجر الصحي”؟ هي أسئلة وجودية وإبستملوجية يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي بالفلسفي بالجمالي/ الابداعي الفني… و العزلة لم تكن أبدا قيدا لحرية المبدع؛ فأغلب الكتاب و الفنانين (إن لم أقل كلهم) يحتاجون إلى مسافة (مساحة، و زمن): مسافة جسر بين ضفتين: ضفة العالم الواقعي، و ضفة العالم الموازي، بين الواقع (بوقاحته و جسارته و رتابته و غرابته…)، و الخيال (كحلم يستشرف عوالم أجمل، و كآلية للتجاوز…).

ـ شخصية من الماضي تود لقاءها ولماذا ؟

ـ شخصية من الماضي أودّ لقاءها؟… لو كان خالق الكون يريد أن ننظر إلى الخلف، لصوّر لنا عينا خلف ظهرنا… لقد “دفنتُ الماضي” كما عبر الأديب المغربي الراحل عبد الكريم غلاب…

ـ ماذا كنت ستغير في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟

ـ صراحة شعاري هو “أعيش يوما بيوم، و القادم لابد أجمل…”، لا أستسيغ المعادلة العبثية بين قوسَيْ “لَوْ”، و “سوْفَ”…

ـ اجمل واسوء ذكرى في حياتك؟

ـ أجمل ذكرى في حياتي: ميلاد ابنتي الوحيدة نَسْمَة… و أسوأ ذكرى: وفاة أمي…

ـ كلمة اخيرة او شئ تود الحديث عنه؟

ـ عميق شكري و امتناني لك صديقي الأديب الشاعر رضوان بن شيكر على الاستضافة الكريمة… أثمّنُ هذه المبادرة الجميلة الهادفة… شكرا لك