لقد أضحى الأنترنيت، بشبكاته اللامتناهية، وتطبيقاته الذكية، وما يقدمه من خدمات تتميز بالسرعة والشمول، جزءا لا يتجزأ من حياتنا المعاصرة، حيث بسط نفوذه على جميع المجتمعات وألقى بظلاله على جميع مناحي الحياة، فصار له تأثير كبير على تشكيل وعي الإنسان بذاته ومحيطه، كما صار يوجه سلوك الفرد والجماعة، وخاصة فئة الشباب.

 

وفي الوقت الذي لا زالت المؤسسة الدينية تعتمد ، كما عهدناها، الخطاب الشفهي وسيلة لنقل المعلومة الدينية، وتركز على الاتصال المباشر بين الشيخ والمتلقي، راحت التقنيات الجديدة للتواصل تعيد إنتاج بنية الثقافة الدينية بشكل يستجيب لروح الشباب وانشغالاته الإلكترونية، حيث صارت المعلومة الدينية على بعد نقرة زر من الراغب في الحصول عليها، بل أحيانا، صارت تفرض نفسها عليه دون استئذان، وأوجدت أنماطا جديدة من العلاقة بين الدين وأتباعه الافتراضيين، إذ يسمح المتدين للفقيه الافتراضي مثلا أن يجالسه في بيته متى شاء وأن يفاتحه في المواضيع التي يريد وللمدة الزمنية التي يختار، مما دفع الشباب إلى الاستغناء عن خدمات المؤسسة الدينية التقليدية والاستعاضة عنها باللجوء إلى العالم الافتراضي استجابة لحاجياته الدينية، وتماشيا مع إيقاع الحياة اليومية، حيث تفيد بعض الدراسات بأن أزيد من ستين في المائة من الشباب يسكنون في العالم الافتراضي في معظم أوقاتهم. وهذا مؤشر قوي على ما طرأ من تغيير هائل على المفاهيم التقليدية لاكتساب المعلومة الدينية في العصر الحديث.

 

غير أن بعض المهتمين بالشأن الإسلامي يبدي تخوفا كبيرا إزاء هذه العلاقة المفرطة للشباب المسلم بشبكات التواصل الاجتماعي والمصادر الرقمية للمعلومة الدينية، بالرغم من أن هذه الوسائل قد أتاحت للدين فرصة ذهبية للانتشار وتجاوز حدوده الجغرافية المعروفة. كما عرَّفت بقضاياه ومباحثه وهموم معتنقيه، وقامت بربط أفراده بعلاقات وشبكات إلكترونية سهلت عملية التواصل فيما بينهم.

 

–        فهل الشباب المسلم بإدمانه على التدين الرقمي قد قلل من القيمة الجمالية للدين؟ ومن سموه الروحي؟

 

–       وهل تركيزه على الصورةالتي تضخم التعبير عن الذات من خلال شاشات الهواتف الذكية أو الكومبيوتر قد حرمته من التعمق في سبر أغوارها بالإقبال على تزكيةالنفسالتي تولد الإيثار وحب الخير للغير؟

 

–       وهل صحيح   أن التدين الرقمي يحول دون التعمق في فهم الفلسفة الأخلاقية للإسلام؟ كما يدفع إلى هجرانالتراث الدينيوتعويضه بالتدين الشكلي الساذج مع ما يفرزه من أخطار التشدد والغلو والتطرف؟

 

–       وهل الحصول على المعلومة الدينية من خلال فتوى شيخ أو درس أو خطبة في مسجد لها من الإشباع العلمي والروحي كما لو استقيناها من مصادر العالم الافتراضي؟

 

هذه  القضايا وغيرها ستتم مناقشتها من خلال المحاور التالية:

 

–      علاقة الشباب بالإنترنت: كيف يؤثر الإنترنت على المعتقدات الدينية للشباب؟

 

–       التدين الرقمي: ملامحه ومخاطره 

 

–       نحو تعامل آمن مع الإنترنيت: إشكالات وحلول