عيّنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ساجد جاويد وزيراً جديداً للداخلية خلفاً لأمبر راد التي استقالت بعد ما سُمي بـ”فضيحة ويندرش”، الخاصة ببعض المقيمين في بريطانيا منذ فترة طويلة من أفريقيا منطقة الكاريبي، والذين تم وصفهم بأنهم “مهاجرين غير شرعيين”.

 

وجاويد، صاحب الأصول الباكستانية، هو أول وزير مسلم فى حكومة ماي والثاني في تاريخ الحكومات البريطانية، حيث سبقته فى تولي منصب وزاري في المملكة المتحدة البارونة سعيدة وارسي، التي شغلت منصب وزيرة شؤون الجاليات والمعتقدات الدينية.

 

ويأتي اختيار الرجل، الذي وصفته تقارير صحافية بأنه “أول أبناء (مارغريت) تاتشر”، في وقت تواجه الحكومة أوقاتاً عصيبة، من بينها ردود الفعل الغاضبة من فضيحة “ويندرش”، الاستياء من مداهمات الشرطة، ارتفاع معدلات الجرائم، فضلاً عن أجواء مكافحة الإرهاب في البلاد.

 

من هو وزير الداخلية البريطاني الجديد؟

 

مثل حاكم مدينة لندن الباكستاني صادق خان، ولد ساجد جاويد عام 1969 في مدينة روتشديل، المعروفة بكونها مهد الحركة التعاونية وموطن الصناعات النسيجية وإحدى مدن مقاطعة مانشستر الكبرى.

وجاويد ابن لمسلم عمل سائقاً لحافلة، وقد وُلد والداه في الهند، لكنهما فرا إلى باكستان عندما كانا في سن صغيرة، في حين وصل والده عبد الغني جاويد إلى بريطانيا في ستينيات القرن الماضي، بعد 13 عاماً من فقدان عائلته ما لديها بعد تقسيم الهند.

 

في كتيب سلط الضوء على خلفيات الطبقة العاملة لأكثر من 12 نائباً محافظاً في البرلمان. روى جاويد قصة والده الراحل، قائلاً “نزل في مطار هيثرو بورقة قيمتها 1 جنيه استرليني في جيبه، صعد والدي إلى الشمال وعثر على وظيفة في مصنع روتشديل للقطن… كان سعيداً بالعمل، لكنه مع ذلك ناضل للحصول على المزيد. وضع نصب عينيه العمل على متن حافلة، ليتم إبعاده مراراً وتكراراً”.

 

أقوال جاهزة.

شارك غردعيّنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ساجد جاويد وزيرًا جديداً  للداخلية خلفاً لأمبر راد التي استقالت بعد ما سُمي بـ”فضيحة ويندرش”… فمن هو أول وزير مسلم في حكومة ماي؟

شارك غردفي مارس الماضي، سلطت وسائل الإعلام الضوء على ساجد جاويد، وزير الإسكان وقتها، باعتباره أحدث عضو في البرلمان وخامس سياسي يتلقى تهديد “يوم معاقبة المسلمين”.

 

ويتابع جاويد حديثه عن والده بالقول “في نهاية المطاف تمّ تعيينه وعمل بجد حتى حصل على لقب (رجل الليل والنهار)، إذ افتتح كشكاً لبيع ملابس للنساء التي تحيكها والدته زبيد، وفي وقت لاحق امتلك متجراً في بريستول، لتنتقل معه الأسرة إلى هناك، ويعيشوا في شقة تضم سريرين”.

 

كان جاويد أول عضو في عائلته يذهب إلى الجامعة، ويدرس الاقتصاد والسياسة في إكزتر، جنوبي المملكة. وفي الجامعة، التقى اللندني روبرت هالفون، الذي سيصبح لاحقا عضواً في البرلمان عن دائرة هارلو عام 2010، وهناك نجحوا في اتحاد طلاب حزب المحافظين فحوّلوه من مجموعة من “المحافظين الأرستقراطيين من الطراز القديم إلى منظمة سياسية حقيقية”.

 

ويحكي هالفون عن جاويد قائلاً “كان يعمل بجد من أجل الامتحانات، ويقول إنه يريد الحصول على أفضل نتيجة فعلية”.

 

مسيرة جاويد… و”يوم معاقبة المسلمين”.

 

“لقد عاش والدي في ظروفة صعبة، وكان يصوت لصالح حزب العمال، لكنه تحول إلى تأييد (مارغريت) تاتشر”، قالها وزير الداخلية البريطاني الجديد.

 

منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره، تحول والده إلى دعم تاتشر بشكل متفان في التأييد تزامناً مع صعودها السياسي، الذي واكب وجود الأسرة في بريطانيا. ولم يمنعه ذلك من المشاركة في مؤتمر للاعتراض على قرارات رئيسة الوزراء البريطانية، المعروفة بالمرأة الحديدية، بشأن الانضمام إلى آلية سعر الصرف الأوروبية في 1990.

 

بعد الجامعة، حاول جاويد الحصول على وظيفة في مدينة لندن لكنه رُفض، فطار إلى نيويورك وانضم إلى بنك “تشيس مانهاتن”، ليصبح في سن الـ 25 أصغر نائب لرئيس البنك.

 

عاد إلى لندن عام 1997، وما لبث أن أصبح مديراً لـ “دويشته بنك” عام 2000، وفي العام 2004 أصبح مديراً منتدباً له، وبعد عام واحد أصبح الرئيس العالمي لهيكلة الأسواق الناشئة.

 

وفي العام 2010، توجه للسياسة تاركاً العمل المصرفي، الذي اعتبره “مهنة غير شعبية”، وقد حصل على أول منصب وزاري في عامه الرابع في البرلمان عندما عُيِّن وزير الثقافة في 2014.

 

أُطلق عليه عام 2014 لقب “أول أبناء تاتشر” الذين يصلون مجلس الوزراء، تلا ذلك تلقيه حقائب وزارية مختلفة، في الفترة ما بين 2014 إلى 2018، حيث تولى مهام وزارات (المساواة، الأعمال، الدولة للمجتمعات والحكومات المحلية، الثقافة والإعلام والرياضة).

 

وفي مارس الماضي، سلطت وسائل الإعلام الضوء على جاويد، وزير الإسكان وقتها، باعتباره أحدث عضو في البرلمان وخامس سياسي يتلقى تهديد “يوم معاقبة المسلمين”، الذي كان محدداً له 3 أبريل الجاري، عبر رسالة وصلت إلى مكتبه البرلماني.

 

“فضيحة” تنتظر جاويد.

 

قبل اختياره للمنصب الجديد، أعرب جاويد لـ”صنداي تلغراف” عن استيائه من فضيحة “ويندرش” التي أطاحت بسلفه، التي اعترفت بـ”تضليل البرلمان”، بشأن اعتبار بعض المهاجرين من دول الكومنولث، الذين يعيشون في بريطانيا منذ منتصف القرن الماضي، مهاجرين غير شرعيين.

 

وقال جاويد “اعتقدت أنه يمكن أن (يطال الأمر) والدتي… والدي، عمي، أنه يمكن أن يحدث لي”. ويبدو أن تقلّد جاويد للمنصب جاء كمحاولة لامتصاص غضب المهاجرين، ممن لهم أصوات في الانتخابات، وكان نتيجته أن فقد المحافظون 3 مقاعد محلية في لندن.

 

وبعد تسلّم المنصب، قال وزير الداخلية الجديد إنه غاضب من الطريقة التي عومل بها جيل ويندرش، مُشيراً إلى أنه أيضاً من أبناء الجيل الثاني للمهاجرين، واعداً أن تكون معاملة المهاجرين بشكل “لائق” على رأس أولوياته، وأنه سيبذل ما في وسعه لوضع حلول لمشكلات جيل ويندرش وضمان حقوقهم.

 

وفي 22 يونيو 1948، نقلت سفينة ويندرش (Windrush) مهاجرين من أفريقيا والكاريبي إلى بريطانيا، الذين تمت دعوتهم إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية للتعويض عن النقص في اليد العاملة، وكان لهم الحق القانوني للبقاء في بريطانيا.

 

ولكن بموجب قواعد الهجرة الجديدة، التي تمّ طرحها عندما كانت ماي وزيرة للداخلية عام 2012، تم إبلاغهم أنهم بحاجة إلى تقديم أدلة، من بينها جوازات سفر، من أجل مواصلة العمل والحصول على مزايا أخرى. وواجه الكثيرون من الذين لم يتمكنوا من تقديم الوثائق الصحيحة الترحيل.

 

وقبل تقديمها استقالتها، اعتذرت الوزيرة، في تغريدة على تويتر، بدعوى عدم معرفتها بأعداد الذين سيجري ترحيلهم من البلاد.

 

وقبل ذلك اعتذرت كلّ من رود وماي، ووعدتا بتسريع عملية حصول كل ضحايا هذه الهفوات البيروقراطية، على الجنسية البريطانية، لكن ذلك لم يخفف من حملة الانتقاد الموجهة ضد الوزيرة وقام البعض بتشبيه سياسة المحافظين البريطانيين بما جرى في ألمانيا النازية.