انطلقت بمدينة الرباط مساء يوم الجمعة 3 نونبر 2017 الدورة الثانية لجامعة مغاربة التي ينظمها مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني حول موضوع ” أولويات الإصلاح بين الثقافي والسياسي”.

 

وعرفت الجلسة الافتتاحية لهذه الجامعة التي سيرها الدكتور خالد حاجي، الأمين العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، مداخلتين لكل من رئيس مركز مغارب الدكتور مصطفى المرابط، والمؤرخ والأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، الدكتور عبد الله بوصوف.

 

في كلمته الافتتاحية طرح مسير الندوة الدكتور خالد حاجي إشكال الإصلاح باعتباره مطلبا سياسيا عبر سلطة تريد تشكيل الوعي السياسي عبر العالم في مقابل اعتبار الإصلاح مطلبا تحدده محدداث ثقافية، مبرزا ضرروة بقاء المثقف وفيا لبيئته عبر نمط إبداعي يحرص على تحقيق توازن معين، “لأن سؤال الإصلاح يشمل مختلف المجالات سواء الثقافية والاجتماعية و السياسية و الدينية”.

 

المرابط وراهنية سؤال الإصلاح في العالم العربي :

 

من جهته قال الدكتور مصطفى المرابط، في مداخلته التأطيرية لأشغال هذه الجامعة إن سؤال الإصلاح راهني لأهميته كوسيلة لقراءة خارطة مجتمعاتنا أفقيا و عموديا، من خلال قراءة الماضي و الحاضر و استشراف المستقبل، مشيرا إلى أنه كان في نفس الوقت مثار جدل واسع بين الأوساط الثقافية والعلمية والسياسية والمجتمعية عبر مختلف اللحظات الحضارية.

 

وبعد عرض مجموعة من تجارب الإصلاح في العالم العربي منذ بداية القرن الماضي وبعض من مظاهر تعتر وفشل عملية الإصلاح في العالم العربي الإسلامي أكد المرابط أن تنظيم هذه الجامعة  يهدف إلى دراسة سؤال الإصلاح في مختلف الأصعدة ومحاولة إيجاد أجوبة له منبثقة من الواقع السياسي والمجتمعي والثقافي للعالم العربي، وأخذا بعين الاعتبار موازين القوى المعرفية، خصوصا الأوروبية التي حكمت طرائق التفكير في سؤال الإصلاح، ودراسة مفهوم وفق سياقه داخل المنطقة العربية و الإسلامية.

 

بوصوف ورفض استيراد النموذج البروتستانتي للإصلاح:

 

أما الدكتور عبد الله بوصوف فقد تطرف في مداخلته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من جامعة مغارب إلى مسألة الإصلاح بين السياسي والثقافي من زاوية التحليل التاريخي والتجربة الذاتية سواء في أوروبا أو في المغرب.

 

بوصوف وبعد أن انطلق في تحليل مرتكزات الإصلاح في التجربة الأوروبية المسيحية مع مارتن لوثر، شدد على ضرورة التفريق بين التجارب الإنسانية التي يمكن الاستئناس بها، وبين تتبع نموذج إصلاحي معين، مثل الإصلاحات اللوثرية البروتستانتية، وإسقاطه على بيئة مجتمعية وثقافية ودينية مختلفة تماما عن البيئة التي نشأ فيها هذا الإصلاح في الغرب.

 

واعتبر بوصوف أنه من الضروري القيام بعملية إصلاحية لكن لا ينبغي أن تنبني على إصلاح البروتستانتية نظرا لاختلاف السياقات الاجتماعية والثقافية، “لأننا بذلك نستورد الصراعات التي رافقت هذه الإصلاحات في أوروبا والمآسي التي استمرت لعقود من الزمن” يضيف بوصوف داعيا إلى إعمال العقل في عملية الإصلاح وبنائه على أجوبة منبثقة من تاريخنا الحضاري وسياقنا الاجتماعي والثقافي.

 

يذكر أن جامعة مغاربة الثانية التي ستستمر إلى 6 نونبر 2017 تهدف إلى مناقشة الأسس والمرتكزات النظرية المعتمدة في مسيرة الإصلاح في العالم العربي، ودراسة إشكالية العلاقة بين السياسي والثقافي وأثرها في عملية التغيير والإصلاح، وأيضا رصد وتقييم بعض التجارب الإصلاحية والعمل على استجلاء المكانيات الملائمة للمجتمعات العربية.