قال الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة الدكتور خالد حاجي إن إضفاء صبغة الدين على الهوية الأوروبية ينذر بتقويض أسس التعايش بين الديانات المختلفة.

جاء ذلك في كلمة خلال لقاء نظمه البرلمان الأوروبي الثلاثاء  27 يونيو 2017 في إطار المشاورات حول الكتاب الأبيض الذي أصدرته المفوضية الأوروبية، وتقرير جي فيرهوفشطاط حول إصلاح المنظومة الأوروبية وتقوية الاتحاد الأوروبي لمجابهة التحديات الجديدة.

وأوضح السيد حاجي أن إضفاء صبغة الدين على الهوية الأوروبية يجعل كل الأديان ترى الخلاص في الانتماء إليها، ” فكلما حاول أتباع ديانة الاستحواذ على الانتساب إلى أوروبا شعر الآخرون بعدم انتسابهم إليها”.

كما شدد على ضرورة تجنب محاولات أوربة الدين معتبرا أن ذلك يحصر هوية الدين في بعدها الجغرافي وتخلق جدلية الداخل والخارج، وتفضي إلى منطق ” الهويات الناقصة ” التي تظل مهددة بالطرد.

وقال إن ” الحل لا يكمن في محاولة إثبات من هي الديانات الأقرب من أوروبا أو انتساب أوروبا إلى هذا الدين أو ذاك، بل في الخروج من منطق الهويات، والاشتغال بمنطق جديد: التعاون على البر والتقوى”.
وحث في هذا الصدد على ضرورة اهتمام البرلمان الأوروبي في اجتماعات القمة مع ممثلي الديانات بالتركيز على مشاريع عملية والدعوة للمشاركة في إنجازها، ” مشاريع تساهم في المحافظة على أوروبا كفضاء للتنوع والتعدد والديموقراطية وحقوق الإنسان”.

من جهة أخرى، أكد الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة على أن
الاتحاد الأوروبي يشهد مرحلة صعبة تنذر بتشتت وحدته، خصوصا بعد الخروج البريطاني، وما تشهده أوروبا من عمليات إرهابية وموجات من المهاجرين الوافدين من مناطق الصراع في دول الجوار.
وأبرز على أن جملة الإصلاحات المقترحة تركز على الجانب التقني والقانوني لتأهيل الإتحاد الأوروبي لمزيد من الفعالية في التعاطي مع الأحداث والتحديات، لكن هذه الإصلاحات، يضيف السيد حاجي، وإن سرعت وتيرة الأمور في الفضاء الأوروبي، فإنها لن تفيد في تبصير المواطنين بحقيقة ما يجري حولهم في واقعهم المعيش.

وشدد في هذا الصدد على أن أوروبا في حاجة إلى « روح » أكثر من أي شيء آخر، مشيرا إلى أن الحديث عن الروح يعيد إلى الأذهان تدخل الديني في الشأن السياسي، وهو الأمر الذي لا يقبله الجميع.

وأشار السيد حاجي إلى أنه من بين التحديات التي تواجه أوروبا اليوم وسائل التواصل الجديدة التي تتيح للأفراد حرية التعبير عن ذواتهم بشكل يصعب معه الدعوة إلى الوحدة. فهذه الوسائل، يقول السيد حاجي، هي أقرب إلى هدم المرجعيات القائمة منها إلى التجميع والبناء، ” فلا نأمن مع هذه الوسائل أن تشهد أوروبا مزيدا من التشتت والتشظي “.

وتميز هذا اللقاء بحضور مجموعة من البرلمانيين الأوروبيين وممثلي الديانات من داخل أوروبا.
ويتضمن الكتاب الأبيض خمس سيناريوهات محتملة وضعتها المفوضية الأوروبية بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي عقب الأزمات التي تواجهه ومن بينها الهجرة والخروج البريطاني.